أكتشف لماذا يمارس الناس الرياضة!!!
فوائد ممارسة الرياضة يومياً، ١٠ فوائد الرياضة، فوائد الرياضة للصحة، أضرار ممارسة الرياضة يوميًا، فوائد الرياضة للجسم والعقل، فوائد الرياضة للرجال، فوائد الرياضة للنساء، فوائد الرياضة للجنس، فوائد الرياضة للصحة النفسية.
في مساءٍ دافئ على الكورنيش، حيث يلتقي البحر بالسماء، وتتناثر نسمات الأمل بين خطوات العابرين، تتناغم أصوات الأحذية الرياضية مع نبضات القلوب المتسارعة. هنا، لا يركض الناس فقط لحرق السعرات، بل يركضون خلف قصصهم، أحلامهم، وربما هروبًا من ماضٍ أو بحثًا عن بداية جديدة.
- أمارس الرياضة لأعجب حبيبتي.
- أمارس الرياضة لأحافظ على وظيفتي.
- أمارس الرياضة خوفا من المرض.
تحقيق صحفي...
"أجري لأني أحببت... ثم توقفت"
"كنت أركض كل صباح، ليس فقط لأجل اللياقة، بل لأني كنت أحب. الحب جعلني أستيقظ مبكرًا، أرتدي حذائي الرياضي، وأجري. لكن عندما انتهت العلاقة، توقفت. لم يعد للجري طعم."
هذه ليست قصة فردية، بل حكاية تتكرر. العديد من الناس يبدأون ممارسة الرياضة بدافع عاطفي قوي: علاقة حب جديدة، رغبة في التغيير، أو حتى تحدٍ شخصي. لكن مع مرور الوقت، ومع تغير الظروف، يتلاشى هذا الدافع، ويعودون إلى نقطة الصفر.
الخبراء يشيرون إلى أن التوقف عن ممارسة الرياضة يمكن أن يؤدي إلى فقدان اللياقة البدنية بسرعة، خاصة إذا كان الدافع الأساسي عاطفيًا وليس نمط حياة مستدامًا. كما أن التغيرات النفسية، مثل الاكتئاب أو فقدان الحافز، تلعب دورًا كبيرًا في هذا التراجع.
في الجزء التالي، سنغوص أعمق في قصص هؤلاء الذين بدأوا رحلتهم الرياضية بدوافع مختلفة، وكيف أثرت تلك الدوافع على استمراريتهم.
سارة: "أردتُ أن أكون جميلة في عينيه"
كانت سارة فتاة خجولة، لا تهتم كثيرًا بمظهرها، حتى وقعت في الحب للمرة الأولى.
رأت في نظراته ما لم تقرأه في كلامه، وقررت أن تغيّر شيئًا في حياتها.
اشترت حذاء رياضيًّا، وحملت زجاجة ماء، وبدأت تركض كل صباح.
"كنت أركض وأفكر: هل سيراني اليوم؟ هل سيلاحظ الفرق؟"
استمرت شهورًا، تغيّر شكلها، وصار قلبها أخف، لكن حبيبها ارتبط بغيرها.
توقفت فجأة. لم تعد ترى فائدة في الجري.
"أدركت لاحقًا أنني كنت أركض له، لا لنفسي."
نورة: "بدأتُ أركض حين أحببتُ نفسي"
نورة كانت تعاني من نظرة سلبية لذاتها. الحب لم يأتِ من شخص آخر، بل من داخلها.
"أحببتُ فتاة قوية، مبتسمة، حيوية... وأردت أن أكون تلك الفتاة."
بدأت تمشي، ثم تركض، ثم تشارك في سباقات صغيرة.
لم يكن الهدف أن يراها أحد، بل أن ترى نفسها كما تحب.
"الرياضة جعلتني أكتشف أن الحب لا يحتاج إلى مرآة خارجية. كان عليّ فقط أن أؤمن أنني أستحق العافية."
هدى: "أردتُ أن نبقى معًا"
هدى كانت في علاقة عاطفية مع شاب رياضي.
في البداية، شعرت بأنها لا تنتمي لعالمه، لكنه شجّعها على الجري.
"كنت ألهث، أتعب، لكنه كان ينتظرني دائمًا عند النهاية."
شيئًا فشيئًا، بدأت تستمتع بالجري، لا فقط لرضاه، بل لأنه أصبح وقتًا يقضيان فيه لحظات صامتة وممتلئة.
حتى بعد انفصالهما، استمرت.
"ربما الجري كان الشيء الوحيد الجميل الذي بقي مني ومنه."
أحمد: "كانت تركض... فلحقتها"
أحمد شاب لم يعرف الرياضة إلا في سنوات الدراسة.
في أحد الأيام، رأى فتاة تركض بانتظام في ذات المكان والزمان، فأثارته الفكرة.
"صرت أجي في نفس الموعد، أركض على مسافة قريبة... لا لأُلفت انتباهها، بل لأني كنت أريد أن أفهمها."
الجري أصبح طقسًا مشتركًا غير معلن.
وبعد شهور، لم تعد تأتي. لكنه لم يتوقف.
"ربما لم أحبها... لكني أحببتُ الركض معها، حتى وإن لم تعرف."
سامي: "الزفاف اقترب"
سامي كان مقبلًا على الزواج، وكان يشعر أن عليه أن يبدو "في أفضل حال".
بدأ بحمية صارمة، وانضم لنادٍ رياضي، وركض يوميًّا دون كلل.
"كنت أتخيّل فستانها الأبيض، وأردت أن أكون أنا أيضًا جديرًا بتلك اللحظة."
بعد الزفاف، خفّت الحماسة.
العمل، الالتزامات، الارتخاء بعد تحقيق الهدف... كلها تآمرت عليه.
"أدركت أنني وضعت نهاية واضحة لسبب الركض... فلم أجد سببًا جديدًا بعده."
"أركض لأن الوظيفة تفرض"
هناك من لا يجد في الرياضة لا متعة ولا إلهامًا، لكنه يُجبر على ممارستها.
وظيفته تتطلب وزنًا معيّنًا، أو هيئة بدنية لا تقل عن الحدّ المقبول.
ربما هو عسكري، أو موظف في جهة تطلب فحصًا سنويًا صارمًا، أو حتى يعمل في مجال يتطلب تمثيل صورة معينة أمام الناس.
أحدهم قال:
"أنا لا أمارس الرياضة حبًّا، بل لأن ورقة الفحص السنوي تنتظرني. إن زاد وزني عن الحدّ المسموح، قد أخسر كثيرًا."
بالنسبة له، الرياضة ليست اختيارًا، بل أداة للبقاء في السلك الذي يعمل به.
وفي قصة أخرى، شاب يعمل في شركة دولية كبرى، حيث يشترط عليه عقد العمل الخضوع لفحص طبي دوري، يشمل قياسات دقيقة لمؤشر كتلة الجسم، الضغط، ونسبة الدهون.
"أدرك تمامًا أنني إن قصّرت، سيتراجع ملفي في التقييم، وربما لا أُرشّح للترقية. لذا أركض كما لو كنت أركض نحو مستقبلي المهني."
هذا النوع من الدوافع لا يخلو من فعالية، لكنه هشّ.
لأنه مربوط دائمًا بعنصر خارجي، لا ينبع من الذات.
فما إن يتغير النظام، أو يغيب التقييم، حتى تتراخى العزيمة، ويغيب الالتزام.
"أركض خوفًا... لا رغبة"
ليس جميع من يرتدون أحذية الرياضة يفعلون ذلك حبًّا في الحركة أو شغفًا باللياقة. فالبعض يركضون لأن الخوف أصبح أقوى من الكسل.
يقول أحدهم، بينما يربط رباط حذائه بإحكام:
"كنت أعيش كما يحلو لي، إلى أن أخبرني الطبيب بأنني على مشارف الإصابة بداء السكري. منذ ذلك الحين، أصبحت أمشي كل يوم، كأن كل خطوة هي محاولة لتأجيل المرض، أو الهروب منه."
هكذا تبدأ رحلة الرياضة عند كثيرين: ليس بدافع جمالي، ولا سعيًا وراء جسد مثالي، بل بسبب تقرير طبي، أو كلمة ألقاها طبيب على عجل، لكنها غيّرت مجرى الأيام.
الخوف من المرض دافع قوي. لكنه غالبًا ما يكون قصير النفس. فعندما تتحسن النتائج، ويشعر الإنسان بأنه بات "أفضل"، يتراجع الحذر، ويبدأ التراخي. فيغيب الالتزام شيئًا فشيئًا، حتى يعود كل شيء إلى ما كان عليه، أو أسوأ.
الرياضة، عندما تبدأ كردّة فعل على تهديد صحي، لا تصمد طويلًا إذا لم تتحوّل إلى عادة. لأن الخوف، وإن كان دافعًا قويًا في البداية، لا يكفي وحده للاستمرار.
"عندما تنطفئ الشعلة"
كثيرون يبدأون ممارسة الرياضة بحماس شديد.
بعضهم يشتري الحذاء الأغلى، ويسجّل في نادٍ، ويتبع خطة غذائية صارمة.
وفي الأيام الأولى، يكون الجسد منهكًا، لكن النفس منتعشة.
ثم، شيئًا فشيئًا... ينطفئ كل شيء.
"بدأتُ في رمضان، كنت أركض يوميًا، لكن بعد العيد، لم أعد أستطيع النهوض من السرير."
القصص متشابهة، والنتائج متكررة، لكن الأسباب تختلف.
1. الحافز المؤقت:
من يبدأ من أجل مناسبة معينة – زفاف، تصوير، مناسبة عائلية – غالبًا ما يتوقف فور انتهاء السبب.
"كان هدفي أن أبدو جيدًا في العرس... بعده، شعرت أن لا داعي."
2. غياب النتائج السريعة:
في عالم السرعة، ينتظر البعض تغيّر شكل أجسادهم خلال أسبوعين.
وعندما لا يحدث التغيير كما تخيّلوا، يصابون بالإحباط.
"أركض منذ شهر، ولم أخسر سوى كيلوجرام واحد... لماذا أستمر؟"
3. الوحدة:
الرياضة، خصوصًا عند ممارستها منفردة، قد تصبح عبئًا لا يُحتمل.
من يركض وحده، يتعب وحده، ولا يجد من يشاركه الطريق، قد يتراجع سريعًا.
"كان ينقصني أحد يقول لي: أحسنت."
4. الضغط الزائد في البداية:
كثيرون يبدأون بقسوة: تدريبات مرهقة، حمية صارمة، جدول يومي مزدحم.
ينفجرون من الداخل، ثم ينهارون.
"توقعت أنني قادر على الركض خمس كيلومترات في أسبوعي الأول... أصبت بالإرهاق، فتوقفت."
5. الروتين والملل:
التمرين نفسه، في المكان نفسه، وبنفس الطريقة، قد يتحوّل إلى واجب خالٍ من الشغف.
"كنت بحاجة إلى تنويع... لكني لم أعرف كيف، فتسلل الملل إلى قلبي."
ليس التحدي في البدء، بل في الاستمرار.
ولهذا، القصة الحقيقية لا تُكتب في اليوم الأول من الركض، بل في اليوم الذي تقرر فيه ألا تتوقف، رغم كل الأسباب التي تدعوك لذلك.
"من يواصل... ومن لا يعود"
ليس الاستمرار في الرياضة حكرًا على الأبطال، ولا هو حظّ عابر.
إنه خيار يتكرّر كل يوم، في كل لحظة كسل، وكل عذر جاهز.
وهنا، يتمايز الناس.
قابلتُ أشخاصًا واظبوا على ممارسة الرياضة لسنوات، فسألتهم: ما السر؟
1. "أصبحتُ أحب الشعور بعد التمرين أكثر من كراهيتي للتعب"
هذا ما قالته شابة تمارس الجري منذ خمس سنوات.
"أدركت أن الدقائق التي تلي التمرين، مليئة براحة لا يشبهها شيء... صرت أشتاق لها."
2. "الرياضة صارت موعدي مع نفسي"
قال أحدهم إن الجري اليومي هو المساحة الوحيدة التي ينفصل فيها عن صخب العالم.
"الهاتف صامت، والرأس صامت... وأستمع أخيرًا لصوتي الداخلي."
3. "ربطتُ الرياضة بهدف بعيد المدى"
امرأة أخرى في الأربعين قالت:
"أريد أن أكون جدة أستطيع الجري خلف أحفادي... لا أريد أن أكون مقعدة في منتصف العمر."
الرؤية البعيدة تجعل القرارات اليومية أكثر ثباتًا.
4. "لا أمارسها وحدي"
كثيرون نجحوا في الاستمرار لأنهم جعلوا الرياضة تجربة اجتماعية.
صديق يشاركهم، أو مجموعة يخرجون معها بانتظام.
"حين تتكاسل، يشجعك الآخرون... وحين تضعف، يسندونك."
5. "غيّرت مفهومي عن النجاح"
أحدهم قال إنّه توقّف عن ملاحقة الأرقام والنتائج، وركّز على "الاستمرارية" بوصفها الإنجاز الحقيقي.
"لم أعد أركض لأخسر وزني... أركض لأنني شخص يركض، ببساطة."
خاتمة: ما بين البداية والنهاية
بين أول خطوة رياضية وآخر خطوة يُقرر المرء أن لا يخطوها، مسافة شاسعة من الدوافع، والإخفاقات، والنجاحات الصغيرة.
من يركض لأجل الحب، أو خوفًا من المرض، أو امتثالًا لعمل، عليه أن يسأل نفسه دائمًا:
"هل أركض لأني أريد، أم لأني مضطر؟ وهل يمكن أن يتحوّل الاضطرار إلى عادة؟"
الرياضة لا تنتظر المثاليين، ولا تتطلب التفوق.
كل ما تحتاجه هو شخص يستيقظ، يرتدي حذاءه، ويقول لنفسه:
"سأحاول اليوم... كما حاولت البارحة."
تعليقات
إرسال تعليق